في هذا البحث أن نستعرض أحد الحلول التي يمكن من خلالها أن نحد من هذه الإشكاليات، ألا وهو الخلع، فالشريعة الإسلامية كما أعطت الحق للرجل في إنهاء الزواج بالطلاق أعطت للمرأة الحق بإنهاء الزواج بالخلع. البحث التالي يتعرض لتعريف الخلع وكيف يمكن أن يشكل حلا للعديد من القضايا التي قد تستمر في المحاكم لسنوات طويلة بدون حل.
الخلع في الفقه:ـ
الخلع يطلق على الفرقة مقابل مال تعطيه الزوجة لزوجها وقد سمي هذا النوع من الفراق خلعا لان الله سبحانه وتعالى قد جعل كل واحد من الزوجين لباسا للآخر قال تعالى " هن لباس لكم وانتم لباس لهن " فإذا افتدت الزوجة نفسها بمال تعطيه لزوجها مقابل أن يطلقها فقد خلع كل منهما لباس صاحبه. ولقد ثبتت مشروعية الخلع في القران والسنة، في القران الكريم قال تعالى " الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ، ولا يحل أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله ، فان خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به ، تلك حدود الله فلا تعتدوها ، ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون" سورة البقرة الآية 229.
أما في السنة النبوية فقد روي أن زوجة ثابت بن قيس جاءت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله أني ما اعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني اكره الكفر في الإسلام فقال الرسول عليه الصلاة والسلام، أتردين عليه حديقته ؟ فقالت نعم فقال عليه السلام لزوجها اقبل الحديقة وطلقها تطليقه" وقد اجمع الفقهاء على جواز الخلع ومشروعيته عند الحاجة كخوف الزوجين ألا يقيما حدود الله كالكراهية الشديدة للزوج ، وإذا وجد ما يبرره، كما إذا كانت الزوجة تسيء عشرة الزوج ، أو إن كانت تكرهه لسوء دينه أو خلقه .
شروط الخلع:ـ
من شروط الخلع أن يكون مقابل عوض من جهة الزوجة ، أما إذا كانت الرغبة في الفراق آتية من الزوج كأن يكون كارها رغم قيامها بواجباتها وعدم تقصيرها في حقه أو يضربها ويضيق عليها في المعاملة كي يحملها على دفع الفدية تخلصا من الزوجية فقد ذهب بعض الفقهاء إلى كراهية اخذ الزوج من زوجته شيئا وهو الكاره.
وذهب فريق آخر إلى اخذ الزوج مالا من زوجته في هذه الحالة حرام وقد أثم الزوج بأخذه البدل. ومن شروطه أيضاً أن يتراضى الزوجين على المخالعة، بأن ترضى الزوجة بدفع البدل ويرضى الزوج بالخلع وبالبدل، وإذا لم يتم التراضي بينهما فللقاضي إلزام الزوج بالخلع.
الخلع في التشريعات العربية:ـ
لقد تم الأخذ بنظام الخلع في العديد من التشريعات العربية مثل التشريع الليبي والمغربي والأردني والسوري واليمني والكويتي، كما يتضمنه مشروع القانون العربي الموحد للأحوال الشخصية، وقد تم إقراره مؤخرا في مصر الأمر الذي احدث جدلا واسعا هناك.
الخلع في القانون المصري:ـ
لقد اقر القانون رقم 1 لسنة 2000 بشان تنظيم إجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية نظام الخلع حيث نصت المادة 20 من القانون على انه:-
للزوجين أن يتراضيا فيما بينهما على الخلع، فان لم يتراضيا عليه أقامت الزوجة دعواها بطلبه وافتدت نفسها وخالعت زوجها بالتنازل عن جميع حقوقها المالية الشرعية وردت عليه الصداق الذي دفعه لها حكمت المحكمة بتطليقه لها، وتحكم المحكمة بالتطليق للخلع بعد عرض الصلح بين الزوجين وبعد أن تقر الزوجة صراحة أنها تبغض الحياة مع زوجها وانه لا سبيل لاستمرار الحياة الزوجية بينهما وتخشى ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض .
ولا يصح أن يكون مقابل الخلع إسقاط حضانة الصغار، أو نفقتهم ، ويقع الخلع في جميع الأحوال طلاق بائن، كما يكون غير قابل للطعن عليه.
الأسباب الموجبة للخلع:ـ
من الأسباب الموجبة لإقرار الخلع:
1- الضرر الذي يعود على الزوجة من جراء استمرار الزوجية بينها وبين زوجها الذي يمكن أن يكون فيه عيب خفي لم تطلع عليه الزوجة قبل الزواج ومن هذه العيوب: العقم، العجز الجنسي، سوء الخلق أو أيا من العيوب التي لا تستطيع الزوجة معها الاستمرار في الحياة مع هذا الزوج.
2- الحالة التي قد يصل إليها الزوجان من استحالة العشرة بينهما وتشاقا وخافا ألا يقوما بما يجب عليهما من حقوق الزوجية، فإذا اتفق الزوجان على الطلاق أو الخلع يتم الفراق بهدوء وتفاهم، أما إذا تعنت الزوج واصبح يساوم الزوجة محاولا ابتزازها للحصول منها على أموال كثيرة مقابل إعطائها حريتها فيكون في هذه الحالة الخلع هو الحل.
3- تعدد الزوجات الذي يمكن أن يكون ضررا محققا على الزوجة الأولى. فإذا وجدت الزوجة الأولى نفسها متضررة من زواج زوجها مرة أخرى، يمكن أن تفتدي نفسها وتحصل على حريتها بأن تخلع نفسها من زوجها.
4- حالة النشوز التي يمكن أن تجد الزوجة نفسها فيه بحكم قضائي ( حكم الطاعة ) والذي تصبح فيه الزوجة معلقة لا هي متزوجة ولا هي مطلقة الأمر الذي يلحق بها ضررا كبيرا. مما سبق يتضح جليا أن الخلع له سنده الشرعي في القران والسنة وإجماع الفقهاء، كما انه معمول به في العديد من التشريعات العربية، وقد كان آخرها إقراره في القانون المصري، ويبقى السؤال هنا لماذا لا يطبق الخلع في القانون الفلسطيني وهو يشكل حلا للعديد من القضايا؟ كما أنه من الممكن أن يكون اقصر الطرق وأفضلها لتحصل الزوجة على حريتها وتنهي مشوار معاناتها الذي من الممكن أن يكون قد استمر عدة سنوات بسبب تعنت الزوج وتمنعه عن طلاق زوجته بإرادته الحرة.
المباراة كالخلع في جميع ما تقدم من الشروط والأحكام، وتختلف عنه في أمور ثلاثـة:
1 ـ إنها تترتب على كراهة كل من الزوجين لصاحبه، بخلاف الخلع فانه يترتب على كراهة الزوجة دون الزوج كما مر.
2 ـ انه يشترط فيها أن لا يكون الفداء أكثر من مهرها، بل الاحوط أن يكون اقل منه، بخلاف الخلع فانه فيه على ما تراضيا به ساوى المهر أم زاد عليه أم نقص عنه.
3 ـ انه إذا أوقع انشاءها بلفظ (بارأت) فالاحوط لزوماً ان يتبعه بصيغة الطلاق، فلا
يجتزىَ بقوله: (بارأت زوجتي على كذا) حتى يتبعه بقوله (فانت طالق أو هي طالق)، بخلاف الخلع إذ يجوز ان يوقعه بلفظ الخلع مجرداً كما مــرّ.
السبت مارس 12, 2016 3:44 pm من طرف Admin
» مذكرة نقض فى جناية هتك عرض
السبت مارس 12, 2016 3:41 pm من طرف Admin
» جريمة هتك العرض -- احكام النقض
السبت مارس 12, 2016 3:36 pm من طرف Admin
» ابن الاغتصاب يُنسب لأبيه"
الخميس يونيو 26, 2014 1:31 am من طرف elngm55
» ماهو الفرق بين الطلاق للضرر والخلع ؟؟
الثلاثاء يونيو 24, 2014 12:25 am من طرف elngm55
» مذكرة بالرد على تقرير ادلة جنائية لاعادة استكتاب المتهم ..... مذكرة فنيه
الأربعاء أبريل 23, 2014 1:48 pm من طرف Admin
» استئناف حكم بتسليم منقولات زوجيه مقدم من الزوج
الأحد مارس 16, 2014 8:43 am من طرف Admin
» حيثيات حكم الاعدام لريا وسكينه عام 1921
الإثنين مارس 10, 2014 2:32 pm من طرف Admin
» يحق للزوجه طلب الطلاق إذا اكتشفت خيانة زوجها
الأحد مارس 09, 2014 1:35 am من طرف Admin